[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  لا يمتنع فيما(١) قد وقع، كما لا يمتنع في الأمر والمستقبل.
  وإنما أراد تعالى أن يبين للمؤمنين في المقاتلة أن الأمر لا يتعلق بهم وبذاتهم، وأنه إنما قد يحصل ما قد علمه وقدره من الأمور.
  ٢٨٢ - وقوله تعالى من بعد: {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا}[٤٤] يبين ما قلناه، لأنه دل بذلك على أن الغرض بما يفعله إنما هو لكي يتم ما علم من المصالح في الظفر بهم.
  فإن قال من خالف في الرؤية: إذا جاز أن يقلل الكثير في العين الصحيحة فهلا جاز مع صحتها وارتفاع الموانع، أن نراه(٢) جل وعز.
  قيل له: إن الظاهر يقتضى أنه قلل(٣) العدد في أعين المؤمنين، وليس فيه أنه فعل ذلك من غير مانع، ومن قولنا إن ذلك يجوز للموانع، وإنما أنكرنا القول بأن المرئى لا نراه بالعين الصحيحة مع ارتفاع جميع الموانع.
  فإن قال: وما تلك الموانع التي هي تمنع رؤية بعضهم دون بعض؟
  قيل له: إن العبرة قد تقع(٤) على وجه لا يشاهده الرجل من بعد، إلا بعض الناس دون بعض، فلا يمتنع أن يكون تعالى فعل ذلك أو غيره فقلوا في أعينهم، وقل المؤمنون في أعين القوم، ليكونوا أجرأ على الإقدام، فيتم قضاؤه تعالى فيهم، وهذا ظاهر بحمد اللّه.
  ٢٨٣ - وقوله تعالى من بعد: {ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ
(١) في ف: مما
(٢) ف؛ أن لا يراه.
(٣) في د: فعل.
(٤) في ف النسختين: ترتفع.