[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  إن المراد بذلك ما كان بين الأوس والخزرج فجمعهم اللّه على نصرته ﷺ، بأن قوى دواعيهم فيه.
  ٢٨٥ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه تعالى يجوز أن يخونه الإنسان، وذلك من صفات الأجسام، فكيف يصح القول بأنه لا يشبهها؟ فقال: {وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ ...}[٧١]،
  والجواب عن ذلك: أن الظاهر يقتضى أنه تعالى يجوز عليه المضار، لأن الخيانة لا تصح إلا على من ينال بمكروه ويتوصل إلى ذلك من حاله على جهة الاستدراج من حيث لا يشعر(١)، وليس ذلك بقول لأحد، فالتعلق بظاهره لا يصح.
  ويجب أن يحمل على أن المراد به أنهم خانوا الرسل من قبل، فجعل خيانتهم للرسل خيانة له، كما قال: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ}(٢) إلى ما شاكله.
  ولذلك صح في هذا الكلام أن يكون تسلية للرسول ﷺ فكأنه، قال تعالى: تصبر عليهم، فإنهم وإن كانوا يريدون خيانتك فقد سبق من أمم الأنبياء والرسل(٣) مثل ذلك، فأمكن منهم بالعقوبة العاجلة والآجلة.
(١) في د: يشعرون.
(٢) قال تعالى في سورة الأحزاب: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً} ٥٧.
(٣) في د: بالرسل.