من سورة براءة
  يصح وصفه بأنه يتم النور مع ذلك؛ لأنه من حيث أراد(١) ما أرادوه يجب أن يقع منه إطفاء النور و(٢) من حيث أتمه يجب وقوع الإتمام، وفي ذلك حدوث الضدين ووجودهما، وهذا محال!
  ومنها: أنه تعالى قال عقيبه: {وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ}(٣) فدل بذلك على أن ما أراده تعالى من إتمام النور كرهوه، ولو كان هو تعالى كارها من حيث كان المعلوم أنه يقع منهم خلافه، لم يكن «لقوله تعالى ذلك حاكيا عنهم معنى إذا كان حاله كحالهم في كراهته!(٤)
  فإن قال: إن الغرض بالكلام أنهم أرادوا(٥) التوصل إلى إبطال دينه وشريعة رسوله وظهور كلمة الحق، فأبى اللّه تعالى ذلك، وهذا مما لا يقع، فلا نقول إنه تعالى أراد ذلك.
  قيل له: إن إقدامهم على ما أقدموا عليه ظنا منهم بأنه يؤدى إلى إطفاء النور، لا بد(٦) من وقوعه، وقد ثبت بما ذكرناه أنه تعالى لا يجوز أن يكون مريدا له، فأما أن غرضهم يصلح أولا؟ فذلك لا يتعلق بإرادتهم فقط، فلا مدخل له في هذا الكلام.
  ٢٨٧ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه يضل الكفار بأمور من قبله، فقال: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً ...}[٣٧].
  والجواب عن ذلك: أن ظاهره يقتضى أن النسيء زيادة في الكفر، وأن
(١) ساقطة من ف.
(٢) ساقطة من د.
(٣) تتمة الآية السابقة: ٣٢.
(٤) في د: تعالى حاكيا ذلك عنهم معنى.
(٥) في د: إن أرادوا.
(٦) في د. لأنه.