[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  وسوء اختيارهم، فلا يجوز أن يراد به نفس الكفر والصرف عن الإيمان، على ما يذهبون إليه!
  ٢٨٩ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى ما يدل على أنه جعل كلمة الذين كفروا السفلى، كما جعل كلمته العليا و «الجعل» يقتضى بظاهره(١) الإحداث، فيجب أن يدل ذلك(٢) على خلقه أفعالهم، فقال تعالى:
  {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا}(٣)
  والجواب عن ذلك: أن ظاهره لا يقتضى أنه جعل نفس كلمتهم، وإنما يقتضى أنه جعلها سفلى، فهو كقول القائل: جعلت زيدا قائما، [في] أن ذلك يقتضى إضافة قيامه إليه دون ذاته.
  وقد علمنا أن وصف الكلمة بذلك مجاز، لأن السفل والعلو إنما يصح في الأجسام، فلا بد من الاعتراف بأن الكلام مجاز، فالمراد بذلك أنه تعالى حكم في كلمتهم أنها بهذه الصفة، من حيث أبطلها وذم عليها وأزال تأثيرها وبين حالها، وهذا كقوله تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً}(٤) لما وصفوها بذلك، وإن علم أنه يستحيل منهم خلق الملائكة وإنشاؤهم.
  ٢٩٠ - دلالة: وقوله تعالى من بعد: {وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ}(٥) يدل على أنهم كذبوا في قولهم: {لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ} ولا يكونون في ذلك كذبة
(١) د: ظاهرا.
(٢) ساقطة من ف.
(٣) من الآية: ٤٠.
(٤) من الآية ١٩ في سورة الزخرف.
(٥) من الآية: ٤٢.