الفصل الثاني متشابه القرآن
  متناقض في دلالته، «لأنه يدل ظاهره على أمور مختلفة في الديانات». فيقول:
  إنهم قد أتوا في ذلك من جهة الجهل باللّه تعالى وما يجوز عليه وما لا يجوز، ومن جهة اللغة(١)، ثم يلخص ما قاله في مقدمة كتابه في المتشابه حول صحة الدلالة بالقرآن ووجوب عرض المحكم والمتشابه على أدلة العقول، فيقول:
  «وقد بينا في مقدمات كتاب «المتشابه» أن المتعلق بمثل ذلك لا يخلو من أن يزعم أن القرآن دلالة على التوحيد والعدل، أو يقول: لا نعلم صحة دلالته إلا بعد العلم بالتوحيد العدل، وبينا فساد القول الأول بأن قلنا: إن من لا يعرف المتكلم، ولا يعلم أنه ممن لا يتكلم إلا بحق، لا يصح أن يستدل بكلامه، لأنه لا يمكن أن يعلم صحة كلامه إلا بما قدمناه، لأنه لا يصح أن يعلمه بقوله: إن كلامه حق، لأنه إذا جوز في كلامه أن يكون باطلا، يجوز في هذا القول أيضا أن يكون باطلا!
  «وإذا وجب تقدم ما ذكرناه من المعرفة، ليصح أن يعرف أن كلامه تعالى حق ودلالة، فلا بد أن يعرض ما في كتاب اللّه من الآيات الواردة في العدل والتوحيد، على ما تقدم له من العلم، فما وافقه حمله على ظاهره، وما خالف الظاهر حمله على المجاز، وإلا كان الفرع ناقضا للأصل. ولا يمكن في كون كلامه تعالى دلالة سوى هذه الطريقة»(٢):
  ثم يقول في الرد على من زعم التناقض: «فإذا ثبت ما قدمناه لم يمكنهم ادعاء الاختلاف والمناقضة فيه، لأنه محكمه ومتشابهه سواء في أنهما لا يدلان،
(١) انظر المغنى، الجزء السادس عشر (إعجاز القرآن) ص: ٣٩٤.
(٢) انظر المصدر السابق. ص: ٣٩٥.