[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  التام، لأن قوله تعالى: {بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ} يعنى: دلهم.
  ثم ذكر بقوله: {حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ} زيادة بيان ودلالة يصح معه الإنقاذ من هذا الضلال والهلاك.
  ويقال للقوم: إن هذه الآية تبطل قولكم في الضلالة، لأنه تعالى نفى أن يضل بعد إذ هدى(١)، ومن قولكم إن المرتد قد أضله اللّه بعد إذ هداه، فيجب أن يدل ذلك على أنه تعالى لا يضل بخلق الكفر، على ما نذهبون إليه(٢).
  وبعد، فإن البيان وتقدمه لا يؤثر - على قولهم - في حال الضلال، لأنه موقوف على إرادته، وله أن يفعله، فما الفائدة في قوله: {حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ}، على أن بيان ذلك لا يفيد، لأنه إن(٣) خلق فيهم الضلال ضلوا، تقدم البيان أو لم يتقدم، وإن لم يخلق ذلك فيهم لم يؤثر في حالهم فقد البيان، وذلك يوجب تناقض الكلام!
  ٣٠٥ - مسألة: قالوا ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه يزيدهم إيمانا بإنزال السورة، ويزيد الكفار كفرا بها، لأنه لا يجوز إضافة الزيادة إلى نفس السورة، فيجب أن تكون إلى المنزل، فقال تعالى:
  {وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً ...}[١٢٤].
  والجواب عن ذلك: أن ظاهره يقتضى أنهم أضافوا زيادة الإيمان إليها، وليس ذلك بقول أحد، ثم التنازع فيما المراد به: رجوع إلى تأويل الآية، واعتراف بأن التمسك بظاهرها لا يصح. وقد بينا أن المراد بذلك أنها سبب
(١) وبعده في د: زيادة: «الآية تبطل قولكم».
(٢) وبعده في د: زيادة: «فيجب»!
(٣) ساقطة من د.