[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  زيادة الإيمان من المؤمنين، وما هذا حاله قد يضاف إلى الفعل، كما يقول القائل:
  أتعبنى المشي والركوب، من حيث تعب بسببهما، كما يقال: أتعبنى زيد، إذا سأله فتعب عنده، فلما فعل المؤمنون زيادة إيمان عند نزولها - لأن نزولها يقتضى زيادة التعبد - جاز إضافة ذلك في الكلام إليها، وكذلك القول(١) في إضافة زيادة كفرهم إليها.
  وقد يحتمل أن يراد به أنه تعالى بإنزال السورة زادهم إيمانا في الحقيقة، لأن زيادة البصائر «على ما بيناه(٢) قد تكون إيمانا وهدى، وزاد الكفار رجسا إلى رجسهم يعنى غما إلى غمهم وذما وإهانة إلى ما استحقوه من ذلك.
  ٢٠٦ - وقوله تعالى من بعد: {أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ}[١٢٦] يدل على أنه تعالى يفعل بالعباد ما يكون أقرب وأدعى لهم إلى التوبة والرجوع إلى اللّه تعالى وإلى التمسك بالطاعة، وإن لم يدل على وجوب ذلك.
  ويدل على أن الأمراض وما ينزله بالعباد من المصائب لا بد من أن يكون فيها صلاح وتذكر واعتبار، وذلك لا يتم على مذهب القوم؛ لأنه(٣) تعالى إن خلق الإيمان والتوبة كان مؤمنا تائبا، تذكر أو لم يتذكر، واعتبر أم لا! وإن لم يخلق فيه ذلك لم يصح أن يقع منه، ولو تذكر ما تذكر.
  وإنما يصح الدعاء والترغيب والتسهيل والألطاف والعبر والتذكر إذا كان العبد «مختار الفعلية(٤) يصح منه أن يختار كل واحد منهما على الآخر، فيرغب وتقوى دواعيه، لكي يختار أحد الأمرين.
(١) ساقطة من د.
(٢) د: كما قدمنا.
(٣) ف: وذلك أنه
(٤) د: مختار الفعلين.