[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  عاقبهم اللّه على انصرافهم، فسمى العقوبة عليه باسمه، كما قال: {وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها}(١) وقالت العرب: الجزاء بالجزاء، والأول ليس بجزاء، إلى غير ذلك من الشواهد في الشعر وغيره(٢).
  فإن قال: إن(٣) كان المراد به العقوبة فلما ذا ذكر القلب وعلق الصرف به، وهلا دل على أن المراد به الكفر الذي محله القلب!
  قيل له: إن الكفر أيضا قد يكون في غير القلب، كالجحود والتكذيب اللذين يكونان باللسان، وكالاستهزاء بالرسول، وكشف العورة، إلى ما شاكله مما يكون بالجوارح، فما الفائدة والحال هذه في تعليقه الصرف بالقلب على قولكم؟
  فإذا هم تأولوه على وجه ما، فقد سوغوا لنا مثله، بل الذي نقوله أولى؛ لأنه تعالى لما علم أن انصرافهم عن طاعته وإعراضهم عن أدلته لا يكون إلا بالقلب أو بأفعال لا بد أن تضامها أفعال القلب، صار كأنه قال: فلما انصرفوا بقلوبهم، ثم(٤) أجرى اسم العقوبة على الحد لنقدر في ذلك، فقال: {صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} وهذا كما يقال(٥) لمن بين له فلم يتبين: قد أعمى اللّه عينيه وأصم سمعه، فتذكر الآلات التي بها يقع الإعراض وترك التذكر، فكذلك القول فيما بيناه.
  وقوله تعالى: {بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ} يدل على أن صرف قلوبهم هو بالعقوبة التي استحقوها بالإعراض وترك التفقه والنظر فيما أنزله من السورة وسائر الدلائل، وهذا بين.
(١) من الآية: ٤٠ في سورة الشورى.
(٢) انظر الفقرة: ٢٠ والفقرة: ٦٢.
(٣) ساقطة من د.
(٤) ساقطة من ف.
(٥) ف: قال.