متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 354 - الجزء 1

  على وجوب النظر، وأنه يفضى إلى المعرفة والحق؛ لأنه نبه بهذه الآية على الدلالة، في الوجه الذي قد ذكره، وتقصى وجه دلالة ذلك يطول، فلذلك عدلنا عنه⁣(⁣١).

  ٣١٣ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه جسم يجوز عليه المكان، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا}⁣[٧].

  والجواب عن ذلك قد تقدم⁣(⁣٢)؛ لأنه تعالى جعل لقاء ما وعد به لقاء له، على جهة التوسع، كما جعل الهجرة إلى حيث أمر هجرة إليه، والدعاء إلى ما أمر به دعاء إليه، بقوله: {وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ}⁣(⁣٣) و {إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي}⁣(⁣٤) على أن ظاهر القول يقتضى ما قلناه؛ لأن من حق الرجاء أن لا يدخل إلا⁣(⁣٥) في المنافع الواصلة إلى الخائف، ولذلك لا يستعمل الرجاء في خلاف هذا الوجه إلا على وجه⁣(⁣٦) التوسع، فإذا صح ذلك لم يمكن حمل الآية على رجاء⁣(⁣٧) لقائه في الحقيقة، لأن ذلك ليس ينفع، ووجب حمله على لقاء⁣(⁣٨) ما وعد من الدرجات الرفيعة، إلا أن يرتكب مرتكب فيقول في اللّه تعالى: إنه ينتفع برؤيته، وذلك يوجب أنه ممن يشتهى النظر إليه، أو يلحق القلب عليه الرحمة والرقة، لأن أحدنا لا يصح أن يلتذ وينتفع بالنظر إلى الغير إلا على أحد هذين الوجهين، ومن قال ذلك في اللّه تعالى فقد ألحد في الدين.


(١) انظر الفقرة ٢١٣ مع التعليق

(٢) انظر الفقرة ٣٠.

(٣) من الآية ٤٢ سورة غافر (المؤمن)

(٤) من الآية: ٢٦ في سورة العنكبوت.

(٥) ساقطة من د.

(٦) ساقطة من د.

(٧) ساقطة من د.

(٨) ساقطة من د.