[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  وقوله تعالى: {وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا} يدل على أنه أراد بالآية: أنهم(١) نفوا الحشر والمعاد؛ لأنهم لو كانوا إنما نفوا الرؤية لم يكن لتعقيب ذلك فائدة!
  وبعد، فإن الظاهر يقتضى أن المراد أنهم لا يظنون لقاءنا؛ لأن الرجاء هو الظن، وقد علمنا أن نفى الظن من لقاء اللّه محمود عند كل أحد، لأنه إن «أراد به(٢) لقاء ما وعد، فنفى الظن فيه محمود عندنا، وإن أريد به اللقاء بمعنى الرؤية فنفى الظن فيه محمود عندهم، لأن الواجب في ذلك العلم دون الظن(٣)، فصار الظاهر مما لا يمكن استعماله على وجه! فلا بد إذا من الرجوع إلى ما قلناه.
  ٣١٤ - وقوله تعالى من بعد: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ}[٩] من أقوى ما يدل على أن الهدى قد يكون بمعنى الثواب، لأنه تعالى بين أنه يهديهم جزاء على ايمانهم، ثم فسر ذلك فقال:
  {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ}(٤) وقد سلف القول في ذلك(٥).
  ٣١٥ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه يمهل الكفار ويستدرجهم إلى الكفر ويكلهم إلى أنفسهم في ذلك، فقال: {فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ}(٦).
  والجواب عن ذلك: أنه تعالى بين أحوال(٧) الكفار الذين لا يؤمنون
(١) د: على أنهم.
(٢) ساقطة من د.
(٣) في د: انظر.
(٤) تتمة الآية السابقة: ٩.
(٥) انظر الفقرة: ٢٢.
(٦) من الآية: ١١.
(٧) في د: أن أحوال.