[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  ذلك لهذا الوجه، كما قال تعالى: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ}(١) وإرادته الإنكار لذلك دون الاستفهام في الحقيقة.
  وقد قيل في تأويله: إن المراد باللام: العاقبة، فكأنه قال: آتيتهم الزينة والأموال وأنت عالم بأن مصيرهم إلى الضلال عن سبيلك والاستمرار على الكفر، ولكل واحد من هذه الوجوه مجال في طريقة اللغة، فلا يصح تعلق القوم بالآية.
  ٣٣١ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى ما يدل على أنه قد لا يقبل الإيمان، وقد يقبله، وأن الأمر في ذلك إليه لا اختيار للعبد فيه، فقال: {وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ ...}[٩٠] ثم قال: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ ...}[٩١] فبين أن إيمانه غير مقبول.
  والجواب عن ذلك: أنه تعالى بين أن عند إدراك الغرق صار ملجأ إلى ما أظهره فلم ينفعه ذلك(٢)، كما قال تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا}(٣) وكما قال: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ}(٤) وإنما كان ذلك لأن الإنسان إذا فعل، على طريقة الإلجاء، الطاعة والإيمان لم يستحق المدح عليه، وصار فعله عند الإلجاء
(١) من الآية: ١١٦ في سورة المائدة.
(٢) ساقطة من د.
(٣) من الآية: ٨٥ في سورة غافر.
(٤) من الآية ١٨ في سورة النساء.