[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  على أنهم لا يؤمنون إذا تقدمت وهي صدق وحق، فالمعلوم أنهم لا يؤمنون، وليس فيه أنهم لا يقدرون على الإيمان، أو لا يجدون السبيل إليه(١).
  ٣٣٣ - وقوله تعالى من بعد: {وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ}[٩٧] يدل على أنه لا لطف(٢) لهم، وأن المعلوم من حالهم أنهم يكفرون على كل حال.
  وفيه دلالة على أنه لو كان في المعلوم لطف لكان سيفعله، على ما نقوله.
  ٣٣٤ - مسألة: قالوا: ثم ذكر بعده ما يدل على أنه لم يرد الإيمان من الكفار، فقال: {وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً}[٩٩] ولو كان قد أراد الإيمان من الكل، لم يصح أن ينفى ذلك بهذا القول.
  والجواب عن ذلك، أنا قد بينا أن نفى المشيئة لا يدل على أنه لم يشأ على كل حال؛ لأنه قد يشاء الإيمان على وجهين هما كالمتنافيين، فليس في النفي ما يدل على العموم، فإذن يجب أن ينظر في المشيئة المنفية ما هي، بضرب من الدليل، وذلك يبطل تعلقهم بالظاهر!
  وقد بينا أن المراد بذلك أنه لو شاء أن يكرههم ويلجئهم إلى الإيمان لآمنوا أجمع(٣)، ودل على أن هذا هو المراد بقوله تعالى آخرا: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}(٤) منبها بذلك على أنه المقتدر على ذلك دون الرسول #، وأن شدة محبة الرسول في ذلك لا تنفع إذا هم لم يؤمنوا اختيارا.
(١) انظر الفقرة: ٣٢١.
(٢) د: لا يغفر.
(٣) انظر الفقرة: ٨٠ والفقرة: ١٩٥.
(٤) تتمة الآية السابقة: ٩٩