ومن سورة هود #
  يبتدأ به مرة ويعاد أخرى، وإنما يصح إضافة بدوّه إلى الغير، من حيث فعله وأحدثه، فكأن(١) القوم صرحوا بحدثه(٢)، من حيث توهم قوم أنهم نفوا عنه الحدث!
  ٣٣٧ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى فيها ما يدل على أن المكان يجوز عليه، وعلى أنه يبتلى العباد ويختبر [هم] بأن يفعل فيهم المعصية والطاعة، فقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ...}[٧]
  والجواب عن ذلك: أنه لا ظاهر لإضافة العرش إليه في أنه مكانه؛ لأن الإضافات - على هذا الحد - تفترق وتنقسم، على ما بينا القول فيه(٣).
  وقد قيل: إن المراد بالعرش العز والاقتدار، دون الجسم العظيم، وهذا يبطل تعلقهم به.
  فأما أبو علي |، فإنه حمل الكلام على العرش في الحقيقة. فقال:
  كان الماء ساكنا واقفا لتعتبر(٤) به الملائكة قبل خلق السماوات والأرضين، ثم نقله تعالى إلى فوق السماوات [والأرض] بعد خلقه لهما، وبين بذلك(٥) اقتداره.
  وقوله تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} يدل على أنه أراد أن يستدل بهذه الأمور، والبلوى هو التكليف منه وإن كان في ظاهره يوهم أن المبتلى يتعرف ويستخبر ما لا يعرف، لكن ذلك يستحيل على اللّه تعالى.
(١) د: كأن.
(٢) د: حدثه.
(٣) انظر الفقرة: ٨٥.
(٤) ف: تعتبر.
(٥) د: وعلى ذلك.