متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 375 - الجزء 1

  وليس فيه دلالة على أنه الخالق لأفعالهم، بل يدل على خلافه، لأن الابتلاء والامتحان والتكليف لا يصح إلا مع القدرة والتمكين من الأفعال، على ما نقوله في هذا الباب.

  ٣٣٨ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى ما يدل على إثبات علم له يعلم به الأشياء، فقال: {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ}⁣[١٤].

  والجواب عن ذلك: أن ظاهره يوجب أن إنزال القرآن بالعلم، ويدل على أنه به⁣(⁣١) يوصل إليه حتى يكون كالقدرة والآلة، وذلك ليس بقول لأحد، وقد بينا القول في ذلك في آخر سورة النساء⁣(⁣٢).

  والمراد بالآية: التنبيه على إعجاز القرآن؛ لأنه تعالى بين قبل هذه الآية ما يجرى مجرى التحدي، فقال: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ}⁣[١٣] ثم قال منبها على تعجيزهم: {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ} يعنى: في المعارضة، فاعلموا أنما أنزل من قبله تعالى، ولاختصاصه بكونه عالما بما هو عليه من الفصاحة والنظم، ولا مدخل لإثبات العلم في هذا الباب، يبين ذلك أنه تعالى قرر أنه أنزل بعلمه، من حيث تعذر عليهم، وإثبات علمه لا يتقرر بهذا الوجه، وإنما يتقرر به أنه معجز من قبله، من حيث تعذر عليهم فعل مثله.

  ٣٣٩ - دلالة: وقوله تعالى: {مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ ١٥ أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي


(١) ساقطة من د.

(٢) قال تعالى في سورة النساء {لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} الآية ١٦٦ ولم يتقدم لها شرح؛ على أن المؤلف | قد بين القول في هذا الموضوع في أواخر سورة البقرة؛ في شرحه لقوله تعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ} الآية ٢٥٥.