[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  فأما قوله(١) {إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ} فالمراد به: إلا ما شاء ربك أن يوقفهم في الموقف للمحاسبة، لأنهم في تلك الحال غير كائنين في النار، وليس لأحد أن يقول: كيف يستثنى ذلك من كونهم في النار ويريد قبل الدخول(٢)، لأن الاستثناء وقع على حد يصح فيه ذلك من حيث قال: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ} فلو انفرد الظاهر لوجب القطع على كونهم فيها دائما، فاستثنى حال وقوفهم في الموقف، لأنه في دخوله في الكلام الأول لو انفرد بمنزلة دخول سائر الأحوال فيه.
  وقد قيل: إن المراد بقوله: {إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ}: «وما شاء ربك(٣) فكأنه تعالى بين كونهم في النار قدر بقاء السماوات والأرضين وما شاء بعده، وأراد الدوام، وهذا شائع في اللغة، لأن أحدنا قد يقول لغيره: قد أحسنت إليك بأن أعطيتك وعلمتك، سوى ما فعلته من تربيتى لك، وإلا ما أعطيتك كيت وكيت، فيكون المراد بالجميع الإثبات.
  ٣٤٧ - مسألة: قالوا ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه إذا أراد الشيء فعله لا محالة، فقال: {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ} وهذا يدل على قولنا في أن مراده لا بد من أن يقع.
  والجواب عن ذلك: أن ظاهره يقتضى أنه فعال لما يريد، ولم يبين ما يريد أن يفعله أو يفعله الغير، أو يحملهم عليه، فلا ظاهر للكلام يصح تعلقهم به.
  وبعد، فإن ظاهر الكلام يقتضى أنه فعال لما يريد أن يفعله؛ لأن ذكر
(١) ساقطة من د.
(٢) ساقط من د.
(٣) ساقط من د.