[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]
  له(١) يصح التعلق به، وأنه لا بد فيه من تأويل(٢).
  وقوله تعالى: {وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} يعنى:
  إلا الطائفة السالكة للطريقة الصحيحة.
  ثم قال: {وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ} يعنى: ولأن يرحمهم خلقهم؛ لأن الكلام يجب أن يجعل متعلقا بأقرب ما يمكن تعلقه به إذا أمكن ذلك فيه، ولم يمكن(٣) تعليقه بالكل، وهذا مطابق لقوله تعالى: {وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}(٤).
  ٣٤٩ - وقوله تعالى في آخر السورة: {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ}(٥) لا يدل على أن له مكانا وموضعا، ولا يدل أيضا على أنه لا قدرة(٦) للعبد، لأن قوله: {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ} ظاهره يقتضى أن الأمر جعل لغيره ثم رجع إليه، فبأن يدل ذلك على إثبات القوة والفعل أولى، وإنما أراد تعالى أن الأمور ترجع إلى حيث لا يحكم فيه سواه، كما يقال في الشاهد إذا انتهى الحال في الأمر إلى أن لا ينظر فيه إلا الأمير: رجع أمرنا إلى الأمير. والمراد «به هذا(٧) المعنى، وهذا لأنه تعالى في حال التكليف قد ملّك العباد الأمور والنظر في الأحكام، وانفرد بذلك في الآخرة، فلذلك صلح أن يقال ما ذكرناه.
(١) ف: لهم.
(٢) انظر الفقرة: ٨.
(٣) ف: يكن.
(٤) سورة الذاريات، الآية ٥٦.
(٥) من الآية: ١٢٣.
(٦) في د: أنه المقدرة.
(٧) د: بهذا.