الفصل الثاني متشابه القرآن
  صفحة واحدة من صفحات الكتاب - ببعض الشواهد:
  ١ - ففي مسألة الاستواء السابقة في قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ} بين القاضي أن الاستواء محتمل في اللغة، ومنصرف فيها إلى وجوه، وأن مواقعه تختلف بحسب ما يتصل به من القول، والمراد به في الآية:
  القصد لخلق السماء، «لأنه عداه إلى، ولا يكاد يعدى ب «إلى» إذا أريد به الاستواء على المكان(١)».
  ٢ - ويرد القاضي على الذين يجوزون على اللّه المكان واللقاء، استنادا إلى قوله تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ} فيقول:
  إن المعنى أنهم ملاقو ما وعدهم به من الثواب، وأنهم يرجعون إلى حيث لا يملك الأمور سواه، قال القاضي: «وليس اللقاء هو التجاور على جهة المشاهدة، لأن الضرير قد يلقى غيره إذا سمع خطابه، وإن لم يشاهده، وقد يبعد من مخاطبه، ويعد ملاقيا له(٢)».
  ٣ - ويقول القاضي في استدلال الذين يقولون إن المعاصي من قبله تعالى بقوله تعالى: {وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ} - لمكان إضافتها إليه سبحانه - إن هذا الاستدلال باطل، لأن المراد بالبلاء هو الإحسان، حيث نجاهم ممن يعاملونهم بهذه المعاملة، قال القاضي، «والكلام في أن الأيادى والإحسان يسمى بلاء ظاهر في اللغة(٣)».
  ٤ - وفي موضع آخر يستدل القاضي على أن أفعال العباد ليست من خلقه
(١) انظر ص: ٧٣.
(٢) انظر ص: ٨٨.
(٣) انظر ص: ٩١.