متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[متن متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني]

صفحة 395 - الجزء 1

  الأنفس، وقد يقول أحدنا عند رجوعه على نفسه بالملامة: إنها تدعو إلى المعصية وتأمرني بها، فأنا أجتهد في التخلص، وهذا ظاهر في اللغة والتعارف.

  ٣٥٨ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى ما يدل على أن الأمر كله للّه، فقال:

  {وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ}⁣(⁣١).

  والجواب عن ذلك: أن ظاهره يقتضى أن الحكم له، ولا ينطلق الحكم على أفعال العباد، ولو انطلق عليها أيضا لم تدل هذه الإضافة على أنه فاعلها، بل ظاهر الكلام أن ما سماه حكما بعد حصوله حكما هو للّه، وهذا يوجب الإضافة بعد خروجه إلى الوجود، فكيف يدل على أنه الموجد له والمحدث؟

  وإنما أراد يعقوب # بهذا الكلام إظهار الاعتماد على اللّه فيما أراده وفي سائر أحواله، فقال ما ذكره على هذا الوجه.

  ٣٥٩ - مسألة: قالوا: ثم ذكر بعده ما يدل على أنه فعل الكيد ليوسف ولأجله، وهذا مما تمتنعون منه، فقال: {كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ}⁣(⁣٢).

  ثم ذكر ما يدل على أن ذلك يكون بمشيئته، فقال: {إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ}.

  وكل ذلك يصحح قولنا في المخلوق.


(١) من الآية: ٦٧.

(٢) من الآية: ٧٦، وبعده {إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ}.