ومن سورة الرعد
  والجواب عن ذلك: أن ظاهره يقتضى أن العبد هو الذي يغير ما بنفسه، وأنه تعالى يغير عند ذلك بعض أحواله، وليس فيه بيان ما يغيره تعالى، فلا ظاهر إذا يدل على ما قالوه، بل يدل ظاهره على أن العبد قد يفعل، كما أنه تعالى يفعل!
  والمراد بالآية: أنه تعالى لا يغير بالعبد ما أنعم عليه من الصحة والسلامة وسائر النعم، ولا ينزل به العقوبات إلا بعد أن يغير ما بنفسه من الإيمان إلى الكفر.
  وهذا يدل على أنه تعالى لا يفعل العقاب إلا على جهة الجزاء على ما يكون من العبد، ويبطل قول المجبرة في أنه تعالى يعذب أطفال المشركين في النار من غير ذنب وجرم، ويبطل قول من قال منهم: لو شاء أن يعذب الأنبياء لحسن منه!
  وقوله تعالى: {وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ} لا ظاهر له «في أنه قد أراد(١) ذلك؛ لأن هذا اللفظ إنما ينبئ عن أنه إذا أراد لم يكن له مرد، وهل أراده أم لا؟ لا(٢) ظاهر له «يدل عليه(٣).
  والمراد بذلك: أنه إذا أراد بقوم إنزال العقوبة - وسماها سوءا على جهة التوسع «فلا يصح(٤) لما كانت في كونها مضرة جارية مجرى السوء، على ما بيناه من قبل - «لم يمكن(٥) أحد أن يرده؛ لأنه تعالى هو الغالب فلا يصح أن يمنع مما يريده من إنزال العقوبات بالعصاة(٦).
(١) د: في أنه في أراد. وف: من أنه قد أراد.
(٢) ساقطة من د.
(٣) ساقط من ف.
(٤) ساقط من د.
(٥) د: لكن.
(٦) ف: بالقضاء.