ومن سورة الرعد
  الذي ليس بمكلف، وأن السجود في اللغة قد يراد به الخضوع، ظاهر لا يحتاج فيه إلى شاهد.
  ٣٦٦ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه المختص بأن يخلق ويفعل، وأن العبد لا صنع له، فقال: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}(١).
  فبين أن إثبات شريك معه هو بأن يعتقد فيه بأنه يخلق كخلقه، فلو كان العبد في الحقيقة يخلق ويفعل لوجب كونه شريكا للّه، ثم حقق ذلك بقوله: {قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}.
  والجواب عن ذلك: أن ظاهره إنما يقتضى أن ما يخلق كخلقه تعالى يكون شريكا له، وليس يدل على أن إثبات خالق سواه يجب إثبات شريك معه، بل لو قيل: إن الظاهر يدل على خلافه لصح، وذلك أنه تعالى أنكر أن يكون له شريك إلا بأن يخلق كخلقه، فيجب إذا كان يخلق لا كخلقه ألا يكون بهذه الصفة.
  ويجب على هذا القول أن يكون تعالى قد أثبت لنفسه شريكا بقوله:
  {فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ}(٢)! وبقوله: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً}(٣) وبقوله: {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ}(٤) وأن يكون عيسى شريكا له، إذ أثبته تعالى خالقا من الطين كهيئة الطير، وهذا بين الفساد.
(١) من - الآية: ١٦.
(٢) من - الآية: ١٤ في سورة المؤمنين.
(٣) من - الآية: ١٧ في سورة العنكبوت.
(٤) من - الآية: ١١٠ في سورة المائدة