ومن سورة الرعد
  وأما قوله: {قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} فيجب أن يكون راجعا إلى ما للعبادة به تعلق، ليكون يدخل فيما تقدم ذكره، وهو خلق الأجسام وسائر النعم التي يختص تعالى بالقدرة عليها، مما عنده يستحق العبادة، وقد بينا من قبل الكلام في هذا الظاهر في سورة الأنعام، فلا وجه لإعادته(١).
  ٣٦٧ - مسألة: قالوا ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه الخالق للحق والباطل، فقال {كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ}(٢).
  والجواب عن ذلك: أن ظاهره لا يدل على أنه الفاعل لهما، وإنما يوجب أنه يضرب الحق والباطل، وليس يقيد ذلك في اللغة الخلق.
  والمراد بذلك: أنه يضرب الأمثال للحق والباطل، ليبين حالهما فيرغب في الحق، ويزجر عن الباطل، وظاهر الضرب إنما يدخل في الأمثال لا في الخلق، فإذا كان لا بد من تقدير محذوف، فبأن يجعل المحذوف ما تقتضيه اللغة أولى من غيره!.
  ٣٦٨ - مسألة: قالوا ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه لم يهد جميع الناس، وخص المؤمن بأن هداه دون غيره، فقال: {أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً}(٣).
  والجواب عن ذلك: أن ظاهره إنما يدل على أنه لو شاء لهداهم جميعا، ولم يبين الوجه الذي كان يهديهم عليه، وقد بينا من قبل أن هذه الوجوه تتنافى،
(١) انظر الفقرة: ٢٢٠.
(٢) من - الآية: ١٧.
(٣) من - الآية: ٣١