متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة إبراهيم #

صفحة 414 - الجزء 2

  حذف في الكلام، فكأنه قال تعالى: ليبين لهم، فمن قبل يهده، ومن رد ذلك يضله، فيكون ما يقع في الهدى والضلال جزاء عليه محذوفا ذكره، وهذا قد تقدم القول فيه.

  ٣٧٢ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى ما يدل على أنه يخص بالإيمان بعض عباده، فقال: {وَلكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ}⁣(⁣١).

  والجواب عن ذلك قد تقدم؛ لأنا قد بينا أن ظاهره لا يقتضى الإيمان والطاعة، ولا ننكر أن يخص تعالى بعض عباده بالنعم المتصلة بالدنيا، وقد بينا أنه لا يمتنع أن يريد به الإيمان أيضا، وبينا أن إضافة ذلك إليه تعالى ووصفه بأنه من نعمه صحيح من حيث لم يصل المؤمن إليه إلا بألطافه ومعونته وضروب التمكين الذي أعطاه.

  ٣٧٣ - وقوله بعد ذلك: {وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا}⁣[١٢] يجب أن يكون محمولا على ظاهره، وهو أنه هداهم الطريق، وفيه دلالة على أن للتوكل⁣(⁣٢) تعلقا بالبيان، لأنه لولا ذلك لم يكن لقوله: {وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا} معنى، وذلك يبين أن التوكل عليه تعالى في باب الدين هو سلوك الطريق الذي بينه طلبا للثواب، كما أن التوكل عليه تعالى في الدنيا هو السعي في طلب الرزق من جهته دون الجهات المحرمة.

  ٣٧٤ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه لم يهد بعض


(١) من - الآية: ١١

(٢) في النسختين: المتوكل.