متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة إبراهيم #

صفحة 418 - الجزء 2

  والتعظيم في الآخرة، ويثبتهم في الثواب والنعيم لأجل القول الثابت الذي هو الإيمان وسائر الطاعات، وعبر عن ذلك جميعه بالقول، على طريق المجاز، كما يعبر عن الدين بكلمة الحق، وكما يقال: إن فلانا يفعل بمذهب أبي حنيفة، ويراد بذلك أنه يدين به ويتمسك.

  وقد قيل: إن المراد بذلك أنه يثبتهم لأجل الإيمان، بأن يفعل بهم زيادات الهدى من شرح الصدر وسكون النفس.

  وقد قيل: إنه يثبتهم بالقول الثابت الذي هو الوعد والترغيب على الإيمان؛ لأنه داعية لهم إلى الثبات عليه واستجلاب نعيم الآخرة. والأول أقوى.

  ٣٧٨ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى ما يدل على أن الفلك يجرى في البحر بإذنه، وقد يجرى في كثير من الأحوال باكتساب العباد، وذلك يوجب أنه إنما يقع بمشيئته وإرادته، فقال:

  {وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ}⁣(⁣١).

  والجواب عن ذلك: أن الأمر إذا أطلق فحمله على الإرادة توسع، ولا يصح التعلق بظاهره، ويجب أن يتأول الكلام على أنه يجرى بما يختاره من الفعل فيه، لكنه لما كان يستجيب وينقاد فيما يريده فيه، قيل إنه بأمره: كما قال:

  {فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}⁣(⁣٢) وكما قال: {قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ}⁣(⁣٣).


(١) من - الآية: ٣٢.

(٢) من - الآية: ٦٨ في سورة غافر.

(٣) من - الآية: ١١ من سورة فصلت