ومن سورة إبراهيم #
  والمراد بذلك: أنهم برزوا للمحاسبة والجزاء، وفي آخر الآية دلالة عليه؛ لأنه تعالى قال: {لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ}(١) ... [٥١] فبين بذلك أن بروزهم لهذا المعنى، ولو كان بروزهم للّه تعالى من جهة الانكشاف في المكان لم يكن لهذا القول فائدة! وإنما تقع به الفائدة إذا أراد ما ذكرنا.
  أو يريد به: أنهم برزوا إلى حيث لا يجرى فيه إلا حكمه تعالى، فيكون كقولنا: إن فلانا ارتفع إلى الأمير، والمراد بذلك أنه الذي يقوم بفصل أمره دون غيره.
  ٣٨٣ - وقد قال أبو علي، |، في قوله: {إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ}(٢) إن ذلك يدل على بطلان قول المجسمة، لأنه لو كان جسما لوجب كونه متكلما بآلة، ولو كان كذلك لوجب ألا يصح منه الإسراع في المحاسبة والجمع بين الكل فيه، وفي وقت واحد، خصوصا على قول من يثبته بصورة آدم، «على ما ذهب إليه بعضهم(٣)، تعالى اللّه عن ذلك!
  ٣٨٤ - وقوله تعالى: {لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ}(٤) يدل على العدل: لأنه لو جاز أن يفعل القبيح لجاز أن يبتدئ بالثواب والعقاب من لا يستحقه، فكان لا يعلم فيما يفعله من ثواب أو عقاب أنه جزاء.
  وبعد، فإن كان تعالى فعل في العباد الطاعة والمعصية، فيجب أن يكون
(١) في النسختين: {لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ} والآية في سورة الجاثية: ولتجزى، إلخ ٢٢.
(٢) تتمة الآية: ٥١
(٣) ف: على ما يذهب بعضهم إليه.
(٤) في النسختين أيضا آية سورة الجاثية.