متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة الحجر

صفحة 425 - الجزء 2

  فيه، فلا يجوز أن يتقدم أو يتأخر، وإن كان تعالى يقدر على تقديمه وتأخيره، لكنه إذا حكم بأنه يحدث في ذلك الوقت لم يجز خلافه.

  ٣٨٦ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى فيها ما يدل على أن الكفر من قبله، فقال: {كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ ١٢ لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ}⁣[١٢ - ١٣].

  والجواب عن ذلك: أن ظاهره لا يدل على ما قالوه، من وجوه:

  منها: أنه لم يتقدم للكفر ذكر، فترجع الكناية إليه، والذي تقدم ذكره هو القرآن والذكر، في قوله {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ}⁣[٩] فيجب أن يكون هو المراد.

  ومنها: أن سلوك الشيء في المكان من صفات الأجسام دون الأعراض، وهو بمنزلة الورود والوصول والمرور، في أنه لا يصح إلا في⁣(⁣١) الجسم، وظاهره لا يدل على ما قالوه، لأن الكفر يحل القلب ولا يسلكه، ومتى قالوا فيه إنه مجاز فقد تركوا الظاهر.

  ومنها: أنه تعالى قال بعده: {لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ} وإنما أراد الذكر دون الكفر، فكذلك القول في الكتابة الأولى، لأنهما جميعا تعودان إلى مذكور واحد.

  فإن قال: إذا حملتم الآية على أنه أريد بها الذكر، والذكر عرض، فقد دخلتم فيما عبتم علينا.


(١) ساقطة من د.