ومن سورة الحجر
  فيه، فلا يجوز أن يتقدم أو يتأخر، وإن كان تعالى يقدر على تقديمه وتأخيره، لكنه إذا حكم بأنه يحدث في ذلك الوقت لم يجز خلافه.
  ٣٨٦ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى فيها ما يدل على أن الكفر من قبله، فقال: {كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ ١٢ لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ}[١٢ - ١٣].
  والجواب عن ذلك: أن ظاهره لا يدل على ما قالوه، من وجوه:
  منها: أنه لم يتقدم للكفر ذكر، فترجع الكناية إليه، والذي تقدم ذكره هو القرآن والذكر، في قوله {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ}[٩] فيجب أن يكون هو المراد.
  ومنها: أن سلوك الشيء في المكان من صفات الأجسام دون الأعراض، وهو بمنزلة الورود والوصول والمرور، في أنه لا يصح إلا في(١) الجسم، وظاهره لا يدل على ما قالوه، لأن الكفر يحل القلب ولا يسلكه، ومتى قالوا فيه إنه مجاز فقد تركوا الظاهر.
  ومنها: أنه تعالى قال بعده: {لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ} وإنما أراد الذكر دون الكفر، فكذلك القول في الكتابة الأولى، لأنهما جميعا تعودان إلى مذكور واحد.
  فإن قال: إذا حملتم الآية على أنه أريد بها الذكر، والذكر عرض، فقد دخلتم فيما عبتم علينا.
(١) ساقطة من د.