ومن سورة الحجر
  الحاكم: إنه قضاء(١)، ويقال في سائر ما خلقه تعالى: «إنه يقتضى به(٢)، من حيث خلقه على تمامه، فيما تقتضيه المصلحة، «وهذا هو(٣) المراد بقوله: {إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ}(٤).
  ولهذا لا يوصف «الخبر بأنه قضى به(٥) إلا إذا اقتضى في المخبر هذه الفائدة، فيقال في خبر الحاكم إذا كان ملزما للحق: هو قضاء منه، ولا يقال في خبر غيره ذلك.
  فعلى هذا يجب أن لا يقال: إنه تعالى قضى أعمال العباد الحقيقة؛ لأنه لم يخلقها على تمام، ويقال في أخباره على أحوالها ذلك، على جهة التعارف، لما حقق ذلك فيها، ويقال في إلزامه المكلف الواجبات ذلك، لما صار في الحكم بهذه الصفة؛ لأن الإلزام آكد من الإخبار، ولذلك لم يطلق شيوخنا رحمهم اللّه على أفعال العباد إنها بقضاء اللّه، دون التقييد، لئلا يوهم الفساد، وما لا يجوز القول به في الدين!
  ٣٩٤ - دلالة: وقوله تعالى: {وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ ...}[٨٥] يدل على أنه تعالى لا يفعل القبيح؛ لأنه لو فعل الكفر وسائر المعاصي - وهي من حيث محلها بين السماوات والأرض يقال إنها بينهما - لوجب أن يكون الكفر حقا، وكذلك المعاصي. ولو جاز إطلاق ذلك عليه لجاز أن يكون صوابا وحكمة!
(١) د: قضى.
(٢) ف: إنه هو بقضائه.
(٣) في د: لولا.
(٤) من الآية ٧٨ في سورة النمل.
(٥) ف: في الخبر بأنه قضاء.