متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة الحجر

صفحة 433 - الجزء 2

  ويدل من وجه آخر على ما نقوله، وذلك أن قوله: {إِلَّا بِالْحَقِّ} يقتضى أنه خلقهما وما بينهما على وجه لا يكون عبثا، بل يكون حكمة، وذلك لا يتم مع القول بأنه يخلق القبائح، وأن كل ما يفعله: الحال فيه واحدة، من حيث كان الأمر أمره والعباد عباده، فله أن يفعل فيهم ما يشاء على ما يقوله القوم!

  ٣٩٥ - وقوله تعالى بعد ذلك: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ٩٢ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}⁣[٩٢ - ٩٣].

  يدل على قولنا في العدل؛ لأنه تعالى لو خلق فيهم المعصية والطاعة لما صح أن يسألهم، بل كان ينبغي أن يكون سائلا نفسه عما خلقه فيهم، ولم يكن لإضافته إلى أنه عملهم معنى ولا فائدة.

  ٣٩٦ - وقوله تعالى من قبل: {وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ}⁣(⁣١)

  يدل على قولنا؛ لأن الانتقام والمجازاة لا تصح من الفاعل إلا على فعل غيره فكما لا ينتقم من نفسه، فكذلك لا ينتقم من نفسه، فكذلك لا ينتقم لأجل فعله.


(١) الآية ٧٨ ومن الآية ٧٩.