متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

الفصل الثاني متشابه القرآن

صفحة 50 - الجزء 1

  على ما يذهبون إليه! أو أنه مما لا يمكن أن يقول به أحد، وأنه - لذلك - لا بد للجميع من الدخول تحت التأويل، ثم يشرع في تأويله هو، |، على المنهج الذي أسلفنا الحديث عنه.

  أما الدلالات فموضوعها الآيات المحكمات، وهي التي يستدل بها القاضي على التوحيد والعدل، وإن كان من غير اللازم - بالطبع - أن يكون قد التزم استقصاء هذه الآيات جميعا، وبحسبه منها ما يدل على الحق في بابه الخاص⁣(⁣١).

  وبعد، فإن هذا الترتيب الذي اتبعه القاضي في كتابه، هو - بلا شك - الترتيب الأفضل لمن كان همه الوقوف على الآيات المتشابهات في القرآن، ورد التمسك بظاهرها من قبل الجبرية، والمجسمة، والحشوية، وسائر أهل الزيغ، وهو كذلك الأقرب لطبيعة الإملاء الذي جرى عليه القاضي في وضع الكتاب، على عادته في سائر كتبه، وكما أوضح ذلك في المغنى، في النص الذي نقلناه أنفا عند التعريف بهذا الكتاب.

  ولكن الإفادة من كتابنا المتشابه، في دراسة أدلة الفرق المختلفة التي تستند فيها إلى آيات القرآن - سواء في ذلك المعتزلة وغيرهم، وسواء أكان استدلالا بالحق أم استدلالا بالباطل - ليست ميسرة على الوجه الأكمل، على عكس ما لو كان ترتيب الكتاب موضوعيا، عرض فيه المؤلف للمتشابهات والمحكمات في المسائل المتنازع عليها؛ واحدة واحدة، كمسألة الرؤية، أو خلق الأفعال، أو الوعد والوعيد، أو أية مسألة أخرى، فأول المتشابه، وأصّل الاستدلال


(١) انظر الفقرة: ١٢ من الكتاب.