ومن سورة النحل
  المدة وكثرة المشقة، عن كثير منهم، من حيث كثر مستجيبوه والمتبعون له.
  ويبين صحة هذا التأويل، قوله تعالى: {وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ} فنبه على أنهم يحملون البعض من ذلك، وفيما أقدموا عليه يحملون الأوزار كاملة، وهذا إنما يتم على هذا التأويل، وإلا فلم صار البعض بأن يحملوه، من حيث أضلوهم، بأولى من بعض؟
  ويجوز أن يريد تعالى بذلك أنهم يحملون أوزار إضلالهم غيرهم، ومن حيث تعلق هذا الإضلال بغيرهم(١) جاز أن يقول: يحملون أوزارهم.
  وقد قال أبو علي، |: إن هذه الآية تدل على أن المعارف ليست ضرورة من حيث قال: {يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} ولو كانت باضطرار لما صح ذلك، ولكانوا مع فقد العلم غير ضالين.
  وتدل الآية على قولنا، وذلك أنه إن كان تعالى هو المضل، لم يكن لإضافة ضلالهم إليهم معنى، مع أنه تعالى هو الذي خلقه فيهم على وجه لولاه لكانوا لا يضلون، حصل الدعاء أو لم يحصل.
  ٤٠٠ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه جسم يجوز عليه الحركة والإتيان، فقال تعالى: {قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ ...}[٢٦].
  والجواب عن ذلك: أنه ليس في المشبهة أحد يجوّز على اللّه تعالى ما يقتضيه
(١) ساقطة من د.