متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة النحل

صفحة 439 - الجزء 2

  هذا الظاهر، من أنه تعالى يأتي من القواعد، وأنه كائن في هذه المواضع، فلا يجوز تعلقهم به.

  والمراد بذلك ظاهر في أول الآية وآخرها؛ لأنه تعالى بين أنهم مكروا وأقدموا على ما يوجب تعذيبهم، ثم بين أنه أتاهم عذاب اللّه تعالى من قواعد البنيان، فخر عليهم السقف وانخسفت بهم الأرض، ومتى لم يحمل على هذا لا يصح كونه عقوبة على مكرهم.

  وقوله تعالى: {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ}⁣(⁣١) يقتضى تعلق ذلك بما تقدم ذكره، ولا يكون له معنى إلا والمراد به أنه أتاهم ابتداء الهلاك من قواعد البنيان، ثم خر السقف - لأجل ذلك - عليهم⁣(⁣٢) فصاروا لا يشعرون بموقع العذاب.

  وقد قيل: إن المراد بذلك أنهم مكروا فأتوا فيما أنزل اللّه بهم من العذاب من قبل أنفسهم، حتى نزل بهم العذاب بغتة؛ من حيث لم يعرفوا ابتداءه.

  ٤٠١ - فأما قوله تعالى بعد ذلك: {وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ} الآية⁣(⁣٣). فقد⁣(⁣٤) بينا في سورة الأنعام وجه الاستدلال بها على أنه لا يريد الكفر والشرك، وأن القائل بذلك مخطئ ومتخرص وقائل بالظن، وكاذب على اللّه تعالى، ومكذب لرسله⁣(⁣٥)!


(١) من تتمة الآية السابقة. وبعده؛ {وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ}.

(٢) ساقطة من د.

(٣) تتمة الآية: {نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ}: ٣٥.

(٤) في النسختين: وقد.

(٥) انظر الفقرة: ٢٣٩.