ومن سورة «بني إسرائيل»
  والجواب عن ذلك: أن ظاهره يقتضى أنه فصل بين الأشياء، وقد ينطلق ذلك على تعريف حاله، كما قد يراد به الإحداث على وجه، فمن أين أن المراد ما ذكروه!
  وبعد، فإن الفاعل للشيء الواحد لا يقال: «فصله» وإذا فعل الأشياء متميّزة يقال ذلك من حيث ميّزها، فإذا هو ميز ما ليس بفعل له جاز أن يقال ذلك فيه.
  وبعد: فإنه تعالى عدّد علينا نعمه بما يفعله من ليل ونهار إلى غير ذلك(١) ثم عقبه بقوله: {وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلًا} فبين [أن المراد] بذلك ما تقدم ذكره، فحمله على العموم لا يمكن.
  ويبين أن الظاهر لا يصح تعلقه به: أنه يوجب في الشيء الواحد أنه مفصل، وذلك يتأتى في الأشياء، فالمراد - إذن - ما قدمناه.
  ولا يمنع ذلك من تعلقنا بقوله تعالى: {الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ}(٢) في حدث القرآن، لأن الإشارة هناك إلى نفس الكتاب الذي هو جملة، فإذا وصف بالتفصيل فقد وجب حدثه، لأنه لا يصح التفصيل في القديم.
  ٤١٨ - دلالة: [قوله تعالى]: {مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}[١٥]
(١) قال تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلًا}] الآية: ١٢
(٢) من الآية ١ في سورة هود.