ومن سورة «بني إسرائيل»
  يخص، وفي جملة من نهى عن ذلك، من يقدم عليه، كما أن فيهم من يمتنع منه، فيجب كون الجميع مكروها. ولا يمكن حمل ذلك على أنه يكره ما يقع أن لا يقع، وما لا يقع يكره أن يقع؛ لأن الكراهة يجب أن تكون على حسب ما جرى ذكره فيما تقدم. وقد علمنا أنه جل وعز إنما نهى عن فعله، فيجب أن يكون كارها لفعله.
  ٤٢٤ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى ما يدل على أنه - تعالى - قد يمنع المكلف من الطاعة، فقال: {وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً}[٤٥].
  والجواب عن ذلك: أن هذه الآية ظاهرها يدل على ما ليس بقول لأحد، لأنه لا يجوز عند الجميع أن يمنع تعالى من سماع الأدلة مع التكليف، فلو كان تعالى يمنع كل من لا يؤمن من سماع قراءته، صلى اللّه عليه، لما جاز أن يكلفهم عند جماعة الأمة.
  وبعد، فقد علمنا أن الحال كان بخلاف ذلك؛ لأنه صلّى اللّه عليه كان يقرأ القرآن على الكفار ويتحداهم به، ولا يجوز أن يريد تعالى بذلك ما يعلم خلافه، لأنه منزه عن الكذب!
  وقد علمنا أيضا أنه لم يكن في الكفار من إذا أراد سماع قرآنه جعل اللّه بينه وبينه حجابا حادثا، فيجب أن يكون المراد بالآية غير ظاهرها وهو:
  أنه صلّى اللّه عليه كان يتأذى ببعض الكفار بالقول والفعل إذا هو قرأ القرآن، فشغلهم اللّه عنه بضرب من الشغل، من مرض أو غيره، وهو المراد