ومن سورة «بني إسرائيل»
  لأن بعثه الملك إليهم فيه فساد، ولو كان تعالى منعهم، بما ذكرناه عن القوم، لم يكن لهذا القول معنى. وكيف يجوز، وقد منعوا بوجوه كثيرة، كالكفر، وقدرة الكفر، وإرادة الكفر، وقدرة إرادة الكفر، أن يقول تعالى لا مانع لهم من الإيمان إلا هذه الشبهة!
  ٤٣١ - وقوله تعالى: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ ...}[١٠٥] يدل على أنه تعالى منزّه عن القبيح؛ لأنه لو جاز أن يفعله لم يعلم أنه بالحق أنزله، ولم يكن لإنزاله معنى ولا فائدة، ولا لإرسال الرسل مبشّرين ومنذرين وجه، ويجرى ذلك مجرى إنزال كتاب يشتمل على الأمر والنهى عن الألوان والهيئات، والوعد والوعيد فيها، وإرسال الرسل في ذلك، وهذا مما تنافيه الحكمة.
  ٤٣٢ - وقوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ...}[١١٠] يدل على ما نقوله؛ لأن حسن الاسم هو لحسن معناه لا لأمر يرجع إليه؛ لأن اللغات يجوز فيها أن تتبدل وتتغير، وتقع المواضعة في الاسم على الشيء وخلافه، والذي لا يتغير هو المستفاد بالاسم، فإذا صح ذلك فلو كان تعالى يفعل الظلم والجور لم يصح أن توصف جميع أسمائه بالحسنى!
  * * *