متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة الكهف

صفحة 471 - الجزء 2

ومن سورة الكهف

  ٤٣٣ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى فيها ما يدل على أنه الخالق للإيمان والهدى، فقال: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً ١٣ وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ}⁣(⁣١).

  والجواب عن ذلك: أنا قد بينا أن الهدى لا يقع على الإيمان حقيقة، وإنما بوصف به من حيث يؤدى إلى الفوز والنجاة، فلا ظاهر لما تعلقوا به في الوجه الذي ذكروه؛ ويبين ذلك أنه تعالى عطف الزيادة على الإيمان، فيجب أن تكون غيره؛ لأن من حق المعطوف أن يكون غير المعطوف عليه.

  والمراد عندنا بذلك أنه زادهم لطفا وأدلة، على جهة التأكيد، لكي يكونوا إلى الثبات على الإيمان أقرب كما بينا، في قوله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ}⁣(⁣٢).

  ويحتمل أن يريد بذلك: الثواب والتعظيم؛ لأنه تعالى يعظم من قد آمن ويثيبه ويحكم بذلك فيه.

  وأما قوله: {وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ} فلا ظاهر له فيما قالوه، لأن فائدته الشد والعقد، وذلك إنما يصح في الأجسام إذا شدّت بغيرها، وذلك لا يتأتى في الإيمان وسائر الأفعال، فيجب أن يحمل الأمر فيه على أن المراد بذلك: الألطاف وضروب المعونة التي معها يثبت الإنسان على إيمانه.

  أو يراد بذلك: أنه قوى قلوبهم حين أظهروا الإيمان، ولذلك قال: {إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ}⁣(⁣٣) فبين أن ذلك كالعلة في قيامهم وإظهارهم هذا القول.


(١) الآية ١٣ ومن الآية ١٤.

(٢) انظر الفقرة: ٢٣٤.

(٣) من تتمة الآية: ١٤.