ومن سورة الكهف
  ٤٣٤ - فأما قوله تعالى بعد ذلك: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً}(١) فقد بينا في نظائره أنه لا يصح التعلق بظاهره، وإنما المراد بذلك الثواب والعقاب، وما يجرى هذا المجرى.
  ٤٣٥ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أن أفعال العباد لا تقع إلا بمشيئته تعالى، فقال: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ}(٢).
  ولم يخص شيئا من شيء، فدخول المعصية فيه كالطاعة، وذلك يوجب أنه متى فعل، فإنما يفعله بمشيئة اللّه، ولولا ذلك لم يكن لهذا القول معنى!
  والجواب عن ذلك: أن ظاهر ذلك ليس بقول لأحد، لأن أحدا من المسلمين لا يقول إنه يجوز «أن يقول الرجل(٣): أزنى غدا إن شاء اللّه، وأسرق وأقطع الطريق، وأقتل إن شاء اللّه، بل يمنعون من ذلك أشد منع، ويجيزون هذا القول فيما يخبر به الإنسان من الأمور الحسنة، وذلك يمنع من(٤) تعلقهم بهذا الظاهر.
  وبعد، فليس في الظاهر بيان هذه المشيئة، والوجه الذي تحصل عليه، وقد بينا أنه تعالى قد يشاء من العبد الفعل على جهة الإلجاء، وعلى طريق الاختيار، فإذا لم يكن في الظاهر بيان ذلك فمن أين أن(٥) المراد بهذا القول الذي أدب اللّه تعالى نبيه به مشيئة الاختيار، ليصح أن يتعلق به!
(١) من الآية ١٧.
(٢) الآية ٢٣ ومن الآية ٢٤.
(٣) د: لرجل أن يقول.
(٤) ساقطة من د.
(٥) ساقطة من د.