متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة الكهف

صفحة 478 - الجزء 2

  عليه الكف عن المسألة عما شاهده من الأمور التي لا يقف على سببها. وقد يقال في مثل هذا القول: ألا ترى إلى قول القائل: إن فلانا لا يستطيع أن يسمع كلام فلان، «في أن⁣(⁣١) يراد بذلك أنه يثقل عليه، ولا يخف على طباعه! وكل ذلك يبين فساد تعلقهم بهذه الآية.

  ٤٤٢ - وقد استدل شيوخنا، رحمهم اللّه، بقوله: {وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً}⁣[٨٠] على القول في اللطف، لأنه تعالى بين أنه إنما قتله، وحسن منه ذلك «من حيث⁣(⁣٢) لو بقي لكان في بقائه مفسدة لأبويه. وكانا يختاران لأجله الكفر، وذلك يوجب أن منع ما هو مفسدة في التكليف واجب، وأن فعل ما يدعو إلى ترك الكفر، وللإيمان، لا بد منه في إزاحة العلة.

  ويدل على قولنا في أفعال العباد، وذلك أنه تعالى لو كان يخلق فيهما الكفر إذا بلغ، لكان وجود قتله كعدمه، في أنه لا تأثير له في ذلك، وإذا كان يتقيه الغلام لا يحمل القديم تعالى على فعل الكفر فيهما، فما الفائدة في أن يقتل لهذه العلة.

  ٤٤٣ - مسألة: قالوا: ثم ذكر بعده ما يدل على أن الاستطاعة مع الفعل وأن من لا يفعل الفعل لا يكون مستطيعا له، فقال: {وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً ١٠٠ الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً}⁣[١٠٠ - ١٠١].


(١) د: وأن.

(٢) د: لأنه.