ومن سورة مريم
  ذلك إليه؛ لأن التقى هو القاصد بفعله توقى المخوف من العقاب، فلا بد من أن تكون الطاعة من قبله، ليصح ذلك فيها.
  ولو قيل: إن المراد أنه رحمة من اللّه تعالى على أمته، تطهيرا لهم من الذنوب، فوصفه بأنه زكاة من هذا الوجه، لصح، ويكون محمولا على الظاهر؛ لأن هذه الصفة، خاصة(١) إنما حصلت فيه من حيث أرسله اللّه وحمله الرسالة، وقد علمنا أن شخص يحيى # لا يسمى زكاة إلا على جهة التوسع، فيجب حمله لا محالة «على ما ذكرناه(٢).
  ٤٤٨ - وقوله تعالى في قصة عيسى: {قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا}[١٩] يجب أن يكون محمولا على نظير ما ذكرناه، بل الكلام فيه أكشف! لأنه ليس في ظاهره أنه تعالى يجعله كذلك، وإنما يدل ظاهره على أنه يهب لها الغلام، ثم بما ذا يصير زكيا؟ ليس في الظاهر، فلا تعلق لهم به!
  ٤٤٩ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أن النبي إنما يصير ثابتا على الإيمان ومقدما عليه يخلق اللّه ذلك فيه ويجعله، فقال:
  {قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبارَكاً}(٣).
  وقد علمنا أنه إنما يصير كذلك بطاعاته، فيجب أن تكون «من فعل(٤) القديم تعالى.
  والجواب عن ذلك: أنه لو أراد ما قالوه لم يصح ما ذكره بعده، من قوله:
(١) ساقطة من د.
(٢) ف: على بعض ما ذكرناه.
(٣) الآية ٣٠ ومن الآية ٣١.
(٤) ساقط من د.