الفصل الثاني متشابه القرآن
  هذا إذا أمكننا القطع بأن جميع هذه الكتب في المتشابه الذي تناوله القاضي دون المتشابه اللفظي، ولعل هذا مما يمكن القطع به؛ لأن المعتزلة إنما كان يعنيهم في الذود عن الإسلام والرد على الخصوم، هذا النوع من المتشابه دون المتشابه اللفظي، القريب من طبيعة القراء دون المتكلمين، ولأن القاضي ذكر في مقدمة كتابه أن كتب مشايخه مشحونة بذكر هذا الباب - المتشابه - «ليبينوا أن القوم - المجبرة ونحوهم - كما خرجوا عن أدلة العقول، فكذلك عن الكتاب» وكل هذا مما لا يعتد به في المتشابه اللفظي بالطبع!
  ولا ندري بعد ذلك ما هو وجه عدم ذكر كتاب بشر بن المعتمر في الكتب المؤلفة في المتشابه، وعدم التعرض لكتاب ابن الخلال إلا من خلال الحديث عن حياته؛ لأن مما نستبعده أن يكون كتاب «بشر» الوحيد في المتشابه الكلامي دون سائر الكتب الأخرى التي ذكرها ابن النديم في الباب الخاص بالمتشابه، ومزج فيها كتب المعتزلة بكتب القراء فالراجح أن تكون كتب هؤلاء المعتزلة مثل كتاب بشر! ... وكان الأولى أن تصنف كتبهم مع كتاب مقاتل بن سليمان - الذي يرجح أنه في هذا الباب - وكتب سائر المتكلمين الذين تناولوا هذه الآيات بالتفسير والتأويل، دون كتب القراء، كنافع، وحمزة، وخلف بن هشام، ممن بحثوا في المتشابه اللفظي، سعيا وراء بعض الأسباب البلاغية، ولم يبحثوا في آيات الصفات والعقائد، أو في المتشابه الذي أشارت إليه الآية السابعة من سورة آل عمران.
  وإنما رجحنا أن كتب هؤلاء كانت في المتشابه اللفظي، لأن الذين كتبوا في متشابه العقائد كانوا في الغالب من أصحاب النحل، ولأن الكتابة فيه لم تفرد إلا بعد احتدام الخلاف المذهبى!