متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة طه

صفحة 492 - الجزء 2

  بالهدى، وهذا يوجب أن يكون المراد: النعم التي معها يصح التكليف. وذلك لا يكون إلا من فعله.

  وبعد، فلو لم يكن هذا هو المراد لكان الكلام فاسدا؛ لأنه - صلى اللّه عليه - أورد ذلك على جهة الحجاج على عدوّ اللّه ... ولو أنه⁣(⁣١) عند قوله:

  {فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى} دل على ربه بتصرفه وتصرف العباد، لكان الكلام سخفا، فضلا عن أن يفسد. فالمراد إذن⁣(⁣٢) بذلك ما يقنع في الدلالة، وهو الذي ذكرناه، ولذلك كفّ عن الطعن فيه، وعدل عنه إلى مسألة سواها. وهذا كله بين.⁣(⁣٣)

  ٤٦٢ - وقوله تعالى من بعد: {قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى}⁣[٥٢] يدل على نفى التشبيه؛ لأنه تعالى لو كان جسما - كما يقولون - لوجب لا محالة جواز النسيان عليه، ولصح أن يضل عنه بعد ما عرفه، فلما نزه عن ذلك دل على أنه عالم لذاته، وأنه لا يصح أن يكون جسما البتة.

  ٤٦٣ - مسألة: قالوا: ثم ذكر ما يدل على أن فعل الساجد⁣(⁣٤) من قبله تعالى، فقال: {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى}⁣(⁣٥)

  والجواب عن ذلك: أن ظاهره أنهم ألقوا سجّدا، وليس فيه ذكر فاعل الإلقاء فيهم، فالتعلق به بعيد.


(١) ساقطة من د.

(٢) ساقطة من د

(٣) ساقطة من د.

(٤) د: الساحر.

(٥) الآية ٧٠، وفي نسخة د قوله تعالى: {وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ ١٢٠ قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ ١٢١ رَبِّ مُوسى وَهارُونَ} من سورة الأعراف - الآيات: ١٢٠ - ١٢٢ - ولم يقصد المؤلف إليها بالطبع.