ومن سورة طه
  بالهدى، وهذا يوجب أن يكون المراد: النعم التي معها يصح التكليف. وذلك لا يكون إلا من فعله.
  وبعد، فلو لم يكن هذا هو المراد لكان الكلام فاسدا؛ لأنه - صلى اللّه عليه - أورد ذلك على جهة الحجاج على عدوّ اللّه ... ولو أنه(١) عند قوله:
  {فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى} دل على ربه بتصرفه وتصرف العباد، لكان الكلام سخفا، فضلا عن أن يفسد. فالمراد إذن(٢) بذلك ما يقنع في الدلالة، وهو الذي ذكرناه، ولذلك كفّ عن الطعن فيه، وعدل عنه إلى مسألة سواها. وهذا كله بين.(٣)
  ٤٦٢ - وقوله تعالى من بعد: {قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى}[٥٢] يدل على نفى التشبيه؛ لأنه تعالى لو كان جسما - كما يقولون - لوجب لا محالة جواز النسيان عليه، ولصح أن يضل عنه بعد ما عرفه، فلما نزه عن ذلك دل على أنه عالم لذاته، وأنه لا يصح أن يكون جسما البتة.
  ٤٦٣ - مسألة: قالوا: ثم ذكر ما يدل على أن فعل الساجد(٤) من قبله تعالى، فقال: {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى}(٥)
  والجواب عن ذلك: أن ظاهره أنهم ألقوا سجّدا، وليس فيه ذكر فاعل الإلقاء فيهم، فالتعلق به بعيد.
(١) ساقطة من د.
(٢) ساقطة من د
(٣) ساقطة من د.
(٤) د: الساحر.
(٥) الآية ٧٠، وفي نسخة د قوله تعالى: {وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ ١٢٠ قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ ١٢١ رَبِّ مُوسى وَهارُونَ} من سورة الأعراف - الآيات: ١٢٠ - ١٢٢ - ولم يقصد المؤلف إليها بالطبع.