ومن سورة الأنبياء
  فإن قالوا: المراد بذلك العبارة عن كلام اللّه، «دون نفس الكلام(١).
  قيل لهم: إنما يدل على حدث ما نعقله من القرآن، فأما ما يدعون من إثبات أمر لا يعقل فمحال أن يتكلم في حدثه أو قدمه، لأن القول في ذلك فرع على إثبات ذاته على كونه معقولا.
  وقوله تعالى: {وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ}[١٦] يدل على أنه تعالى لم يخلق أعمال العباد: لأنه لو خلقها وفيها لعب، لوجب كونه لاعبا بها، فكان لا يصح أن ينزه عن ذلك!
  هذا إن حمل على ظاهره. وإن أريد به: إني ما خلقتهما وما بينهما على وجه(٢) العبث، فهو أقوى في الدلالة، من الوجه الذي قدمنا ذكره، في غير موضع.
  ٤٧٣ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى فيها ما يدل على قولنا في المخلوق، وعلى أنه تعالى، وإن فعل القبيح، فإنه لا يقبح منه، بل يكون حسنا، وإنما يقبح من غيره، فقال: {لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ}[٢٣].
  والجواب عن ذلك: أن ظاهره لا يقتضى إلا أنه تعالى لا يسأل عما يفعل(٣) وليس فيه بيان ما يفعل مما لا يفعل من الأمور المعيبة، فالتعلق بظاهره لا يصح!
= أهل الذكر] وتأتى بمعنى العظة: [ص والقرآن ذي الذكر] كما تأتى بمعنى الصلاة [فاسعوا إلى ذكر اللّه] وبمعنى الشرف: [وإنه لذكر لك ولقومك]. قال: فإذا كانت جميع هذه الوجوه محدثة «كان حمله على إحداها أولى»! وكأن صاحب هذا الرأي لا يرى أن قوله تعالى بعد ذلك {إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ} مما يحدد أن المراد به القرآن، دون العلم والعظة والشرف! انظر فتح الباري لابن حجر: ١٣/ ٤٢٥ - ٤٢٦. وقال قتادة في تفسير الآية: «ما ينزل عليهم من شيء من القرآن إلا استمعوه وهم يلعبون» وبه قال الطبري. انظر جامع البيان:
١٧/ ٢.
(١) ساقط من د.
(٢) د: موجب.
(٣) وبعده في ف: وهم يسألون.