ومن سورة الأنبياء
  العموم. يبين ذلك أن العبد إذا كان لا يصح أن يتصرف إلا بأن يخلق اللّه تعالى فيه الفعل، فمتى لم يسأل: لم فعلت؟ عادت المسألة إلى أنها تتجه على من خلقها فيه؛ لأنه لولا خلقه لما صح أن يكسب ويتصرف، فيجب أن يكون الصحيح متى يسأل عن ذلك أن يقول: فعلت لأنه تعالى خلقه في، فمتى قيل مرة ثانية:
  ولم خلق فيك؟ عادت المسألة إلى أنها متجهة إلى اللّه تعالى فيما فعل، وقد نزه اللّه نفسه عن ذلك بقوله: {لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ} فلو لم يكن في القرآن ما يدل على قولنا في «المخلوق والعدل إلا هذه الآية لكفى(١).
  ٤٧٤ - دلالة: وقوله تعالى: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى}[٢٨]
  يدل على أن الشفاعة لا تكون إلا لمن كانت طرائقه مرضية، وأن الكافر والفاسق ليسا من أهلها.
  فإن قال: الآية واردة في الملائكة لا في النبي صلّى اللّه عليه!(٢).
  قيل له: إذا ثبت فيهم أنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى وكان هذا حاله، فكذلك القول في الأنبياء؛ لأن الكلّ يتفقون في أنهم من أهل الشفاعة، لعظيم منزلتهم.
  ٤٧٥ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى ما يدل على أنه يخلق الخير والشر، فقال:
  {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً}(٣)
  والجواب عن ذلك: أن ظاهره يقتضى أنه يبتلى بذلك ويمتحن، وليس فيه:
  أنهما من خلقه تعالى وفعله، فلا ظاهر للقوم فيما ذكروه.
(١) د: المخلوق إلا هذه لكفى.
(٢) انظر الآيتين: ٢٦ - ٢٧.
(٣) من الآية ٣٥، وفي النسختين: ولنبلونكم!