متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة الحج

صفحة 509 - الجزء 2

  فعل المنع. ومتى قال القائل مثل هذا⁣(⁣١) القول عقيب بعض الأفعال المخصوصة أو بعض الأمور التي تقدمها، فالظاهر أنه المراد بالقول، لأنا قد بينا أن في الكلام حذفا، فإذا تقدم ذكر ما يمكن أن يكون هو المحذوف فبأن يقال «إنه المراد أولى⁣(⁣٢).

  وأما قوله تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ} فالتعلق به يبعد، لأنه ذكر أمرا مخصوصا، وبين أنه يريده، ولم يعمّ، وذلك الأمر هو الثواب. أو يكون المراد به: الهداية والدلالة⁣(⁣٣)، وهذا أشبه بالكلام، لأنه ذكر عقيب قوله:

  {وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ آياتٍ بَيِّناتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ}⁣[١٦] فكأنه بين أنه يهدى بالآيات من يريد أن يكلفه دون من لا يبلغه هذا الحد، وأراد به يهدى بذلك أمة دون أمة من المكلفين، لأن الشرائع قد تختلف في مثل ذلك.

  وعلى جميع الوجوه فتعلقهم بذلك قد بطل.

  وأما قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ} الكلام فيه كالكلام في الآية الأولى في كل ما ذكرناه، فلا وجه لإعادته.

  ٤٨٦ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى بعده ما يدل على أنه الذي يخلق العبادات، فقال: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً}⁣[٣٤] والمنسك هو العبادة، ولذلك قال من بعد: {وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ}⁣[٣٦]

  والجواب عن ذلك: أن المنسك هو محل العبادة، وهو ما أمر اللّه بذبحه، وذلك من خلقه تعالى، وإن كان ما نفعله فيه من الذبح من جهتنا، وهو الذي


(١) ساقطة من د.

(٢) في د: إن المراد أول.

(٣) د: الذكر.