ومن سورة المؤمنين
ومن سورة المؤمنين
  ٤٩١ - دلالة: قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ...} الآيات [١ - ١١] تدل على أن العبد هو الفاعل المختار؛ لأن الخشوع في الصلاة لا يكون إلا بفعل من قبله على وجه مخصوص. والإعراض عن اللغو لا يصح وصفه به إلا مع قدرته عليه. ولا يجوز أن يكون فاعلا للزكاة إلا بأن يحدث الفعل الذي يقدر عليه. ولا يصح أن يحفظ فرجه على شيء مخصوص إلا وهو متخير لفعله يختار بعضه على بعض. ولا يجوز أن يوصف بأنه للأمانة راع إلا بأن يختار فعلا على فعل، وكذلك القول في المحافظة على الصلاة.
  ٤٩٢ - وقوله تعالى من بعد: {فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ}(١)، يدل على أن غير اللّه يصح منه الفعل والخلق؛ ألا ترى إلى فساد القول بأنه أحسن الآلهة، لما لم يصح إثبات إله سواه، وصحة القول بأنه أرحم الراحمين، لما صح إثبات راحم سواه.
  فإن قال: فيجب أن يقال في غيره تعالى إنه خالق بالإطلاق!
  قيل له: لا يجب؛ لأن التعارف أوجب أن لا يطلق هذا الاسم إلا في اللّه تعالى، كما اقتضى أن لا يطلق اسم الرب إلا فيه، ثم لم يمتنع أن يكون العبد ربا لدابته وداره، فإن صح [هذا] المعنى فيه، فكذلك يجب أن يصح فيه معنى الخلق والفعل، وإن منع فيه الإطلاق للإبهام.
  وما قدمناه من الآي يدل على أن المؤمن لا يتكامل كونه مؤمنا إلا بسائر ما ذكره من الصلاة والزكاة وغيرهما، وأن الإيمان عبارة عن الواجبات والطاعات، ولا يختص القلب فقط.
(١) من الآية: ١٤.