ومن سورة المؤمنين
  الموت لا محالة، ومنهم من يجوزه، ومنهم من يقطع بأن الموت في المذكى ولا يحتاج إلى ذكر الصحيح من ذلك في بيان فساد تعلقهم بالظاهر(١).
  ٤٩٨ - وأما قوله تعالى: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها} الآيات [٨٤ - ٩٠] فإنه من أقوى ما يدل على الحجاج والنظر وفساد التقليد.
  ومن هذا الوجه، يدل على بطلان قول المجبرة، لأن على مذهبهم لا فائدة في النظر والحجاج؛ لأنه إن خلق تعالى في العبد المعرفة بربه حصل عارفا، تقدم منه الاستدلال أم لا، وإن فعل فيه خلافه فكمثل، فلا فائدة - على قولهم - في الدعاء إلى النظر والتنبيه عليه، بل لا فائدة - على مذهبهم - في مكالمتنا لهم، ولا في سماع محاجتهم بزعمهم منهم، وذلك أنا نقول لهم: إن كان تعالى يريد أن يثبتنا على ما نحن عليه، فما الفائدة في «إظهار الحجاج لنا؟ وإن كان لا يريد منكم ربكم إلا ما أنتم عليه، ويخلقه فيكم حالا بعد حال. فما الفائدة في(٢) مناظرتنا لكم؟!
  ومن وجه آخر، وذلك أن من قولهم: إن القدرة توجب الفعل؛ من حيث لا يصح وجودها خالية منه، فالنظر منا ومنهم واجب وقوعه بأمر من قبل اللّه تعالى، فما الفائدة فيه؟ لأنه لو شاء أن يختار فينا خلافه لفعل، وهذا يوجب، من وجه آخر الفساد؛ وذلك أنه يجب أن لا يستدل بالحجاج على علم العالم؛ لأنه تعالى هو الخالق فيه القدرة الموجبة، فمن أين أن المناظر والمجادل عالم بكيفيته حتى أمكنه إيراده؟ ويجب - على قول القوم - أن لا يكون لتأليف الكتب معنى، وأن يكون أعظم الناس عبثا ولغوا من صنف منهم الكتب؛ لأنهم
(١) انظر الفقرة ١٣٢ مع التعليق.
(٢) ساقط من د.