متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة المؤمنين

صفحة 519 - الجزء 2

  إذا دعوا بذلك الموافق إليه، فقد خلق اللّه فيه الوفاق⁣(⁣١) وإن دعوا به المخالف فقد خلق اللّه فيه الخلاف! ومتى تغير حالهما إلى غير مذهبهما فلأن اللّه تعالى يخلق ذلك، فما الفائدة في تأليفهم الكتب وتكلفهم⁣(⁣٢) الكثير من ذلك؟!

  وقد قال شيوخنا، رحمهم اللّه، للقائلين بالإلهام: إذا كان اللّه تعالى هو الملهم للمعارف، فما الفائدة في تأليفكم الكتب؟ وهل هذا إلا بعث للقديم - تعالى - على خلق المعارف! وإن لم يصح ذلك فهو لغو!

  وهذا للمجبرة ألزم؛ لأنهم يقولون في جميع الأفعال بمثل قولهم في المعارف فقط، ولو أن الواحد منا سأل وألحف في مسألته ووجد المسؤول ساكتا للامه، ونسي عند ذلك مذهبه من أن العبد مصرف فيما يأتيه من سكوت ونطق!

  وبعد، فإنه يجب على قولهم أن لا يحصل العبد منعما بشيء من نعم الدنيا، كما لا يحصل منعما بالدعاء إلى اللّه تعالى بالقول والكتب، وذلك أنه إن أنعم بالإطعام فاللّه تعالى هو الذي خلق فيه حركات يده التي بها نقل الطعام وأصلحه، بل عندهم أن سائر ما في الطعام مما معه يعد نعمة من خلقه تعالى متفردا، وكذلك القول في العطايا أجمع، فقد صح أن قولهم كما يوجب أن لا نعمة للّه تعالى على أحد، من الوجوه التي بيناها، فكذلك يوجب أن لا نعمة لأحد على أحد، وأن⁣(⁣٣) لا يصح الدعاء إلى المنافع، ولا الجدال في الدين.

  ٤٩٩ - وأما قوله تعالى: {رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}⁣[٩٤] فقد بينا أنه لا يدل على أنه تعالى يجعل الظالم ظالما، وذكرنا الوجه بالدعاء


(١) ساقطة من د.

(٢) ف. وتكليفهم.

(٣) ساقطة من د.