ومن سورة المؤمنين
  فلا وجه لإعادته(١). هذا وظاهر هذا القول يقتضى أنه لا يجعله فيهم، وليس فيه أنه لا يجعله ظالما، وإنما يعلم ذلك لا بالظاهر.
  ٥٠٠ - وقوله تعالى: {حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ}(٢) يدل على أن العبد مختار فاعل، وإلا كان لا يصح منه ذلك!
  ٥٠١ - وقوله من بعد: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[١٠٢] يدل على قولنا في العدل(٣)، لأنه تعالى إن كان يفعل ما يشاء، على ما يقوله القوم، فما الفائدة في الموازين التي يظهر بها حال المحسن من المسئ بين الخلائق وعلى رؤوس الأشهاد؟ وإنما يصح ذلك على قولنا؛ لأن العبد إذا علم ذلك في حال التكليف يكون أقرب إلى أن يفعل الطاعة ويتمسك بها؛ هربا من الفضيحة يوم القيامة بما يظهر من ثقل الميزان(٤) وخفته.
  ٥٠٢ - وقوله تعالى: {أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ}(٥)، على التقريع والتوبيخ لهم في تلك الحال، من أقوى ما يدل على أن التكذيب كان من قبلهم، وعلى أنه قد كان أزاح العلة وأوجد السبيل إلى الطاعة.
  ٥٠٣ - وقوله تعالى، من بعد: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً}(٦) يدل على العدل، وعلى تنزيهه عن القبيح؛ لأنه مع تجويز ذلك عليه يلزم القول بأنه عابث بسائر ما خلق اللّه، تعالى عن ذلك.
  ويدل على بطلان قول من ينكر المعاد والرجعة.
(١) انظر الفقرة: ٥٣.
(٢) الآية: ٩٩ ومن الآية: ١٠٠.
(٣) د: العبد.
(٤) د: الموازين.
(٥) الآية: ١٠٥ وتتمتها: {فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ}.
(٦) في د: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ}؟ وفي هذا مع عدم جواز هذا الوقف، إسقاط لموضع الاستدلال بالآية، وتتمة الآية: {وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ} ١١٥.