ومن سورة النور
  فاعلا للكلام فينا ونحن متكلمون به، فقال: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ}[٢٤].
  فبين أن الشهادة من فعل غير الألسنة، وإن كانت هي الشاهدة.
  والجواب عن ذلك: أن ظاهر الكلام إنما يدل على أن ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم تشهد، وليس فيه أن ذلك الكلام من فعلها أو من فعل اللّه فيها، فلا ظاهر لهم!
  وقد جوز شيخنا أبو علي، |، في ذلك أن تكون الشهادة من فعلها(١)، بأن جعلها اللّه أحياء ناطقة، وجوز أن يفعل تعالى ذلك فيها وتوصف بأنها تشهد، على جهة المجاز، وبين أن الغرض بذلك لطف المكلف في الدنيا؛ لأنه متى علم أنه سيلحقه(٢) ذلك في الآخرة كان أقرب إلى العدول عن المعصية إلى الطاعة.
  ٥١٢ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى ما يدل على أنه جسم، فقال، {اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ...}[٣٥].
  والجواب عن ذلك: أن ظاهره مما لا يقول به مسلم، لأنهم لا يقولون إنه(٣) في الحقيقة بهذه الصفة، ولو كان الأمر كذلك لوجب كونه(٤) محدثا، ولوجب أن يكون ضياء النهار أبدا باقيا، لأنه لا يخرج من أن يكون نور(٥) السماوات والأرض: لأن التغير عليه لا يجوز، ومتى جوزوا ذلك فيه لزمهم أن يكون مرة نورا لهما(٦) وأخرى ظلمة، يتعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا. وفي الكلام، ما إن حمل ما قالوه(٧) على ظاهره، تناقض؛ لأنه قال: {مَثَلُ نُورِهِ}
(١) في د: فعلنا.
(٢) د: سبحانه يستحلفه!
(٣) ساقطة من د.
(٤) ساقطة من د.
(٥) ساقطة من د.
(٦) ساقطة من د.
(٧) د: على ما قالوه.