متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة النور

صفحة 525 - الجزء 2

  فاعلا للكلام فينا ونحن متكلمون به، فقال: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ}⁣[٢٤].

  فبين أن الشهادة من فعل غير الألسنة، وإن كانت هي الشاهدة.

  والجواب عن ذلك: أن ظاهر الكلام إنما يدل على أن ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم تشهد، وليس فيه أن ذلك الكلام من فعلها أو من فعل اللّه فيها، فلا ظاهر لهم!

  وقد جوز شيخنا أبو علي، |، في ذلك أن تكون الشهادة من فعلها⁣(⁣١)، بأن جعلها اللّه أحياء ناطقة، وجوز أن يفعل تعالى ذلك فيها وتوصف بأنها تشهد، على جهة المجاز، وبين أن الغرض بذلك لطف المكلف في الدنيا؛ لأنه متى علم أنه سيلحقه⁣(⁣٢) ذلك في الآخرة كان أقرب إلى العدول عن المعصية إلى الطاعة.

  ٥١٢ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى ما يدل على أنه جسم، فقال، {اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ...}⁣[٣٥].

  والجواب عن ذلك: أن ظاهره مما لا يقول به مسلم، لأنهم لا يقولون إنه⁣(⁣٣) في الحقيقة بهذه الصفة، ولو كان الأمر كذلك لوجب كونه⁣(⁣٤) محدثا، ولوجب أن يكون ضياء النهار أبدا باقيا، لأنه لا يخرج من أن يكون نور⁣(⁣٥) السماوات والأرض: لأن التغير عليه لا يجوز، ومتى جوزوا ذلك فيه لزمهم أن يكون مرة نورا لهما⁣(⁣٦) وأخرى ظلمة، يتعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا. وفي الكلام، ما إن حمل ما قالوه⁣(⁣٧) على ظاهره، تناقض؛ لأنه قال: {مَثَلُ نُورِهِ}


(١) في د: فعلنا.

(٢) د: سبحانه يستحلفه!

(٣) ساقطة من د.

(٤) ساقطة من د.

(٥) ساقطة من د.

(٦) ساقطة من د.

(٧) د: على ما قالوه.