ومن سورة النور
  وهذا يوجب كون النور غيره بحق الإضافة، والأول يقتضى أنه النور، ويتعالى عن أن يريد ذلك بكلامه.
  والمراد بذلك: أنه تعالى نوّر السماوات والأرض بالنور الذي يحدثه تعالى، أو يكون المراد به: أنه الهادي لأهل السماوات والأرض، المبين لهم أمر دينهم، وهذا كما وصف في كثير من المواضع الإيمان نورا، والكفر ظلمة. وعلى قريب من ذلك يتأول قوله صلّى اللّه عليه: «إن اللّه هو الدهر» إن صح عنه(١). وقوله: {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ}[٤٤] ويأتي بالأزمان، يبين «ذلك أنه أراد(٢) أنه المصرف للدهر.
  ٥١٣ - فأما قوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ}[٤١] فقد علمنا أن ظاهره لا يتأتى، لأن جميع من فيهما لا يسبح، نحو الكفار ومن ليس بمكلف، والكلام خبر، فإذا ثبت ما ذكرناه علم أن المراد غير ظاهره، وأنه تعالى أراد أنها بما يظهر «منها: تنزهه(٣) تعالى عما لا يليق به في ذاته، من إثبات صاحبة وولد وشريك، وما يليق من فعله من المقبحات.
  وقوله تعالى: {كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ}(٤) يوجب إن حمل
(١) صح ذلك من عدة طرق، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة ¥ قال:
قال رسول اللّه ﷺ: قال اللّه ø: (يسب بنو آدم الدهر، وأنا الدهر يبدي الليل والنهار) - ورواية مسلم: ابن آدم - وفي البخاري من حديث أبي هريرة أيضا:
عن النبي ﷺ قال: (لا تسموا العنب الكرم ولا تقولوا خيبة الدهر، فإن اللّه هو الدهر) وفي مسلم من حديث أبي هريرة كذلك عن النبي ﷺ قال:
(لا تسبوا الدهر فإن اللّه هو الدهر) انظر فتح الباري ١٠/ ٤٦٥ - ٤٦٦. مسلم بشرح النووي:
١٥/ ٢ - ٣.
(٢) ساقط من ف.
(٣) د: تنزيهه.
(٤) من تتمة الآية: ٤١.