ومن سورة الفرقان
  {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً}[٣] وإنما يتعلق الأول به متى حمل على ما ذكرناه ولذلك قال {لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ}(١) منبها بذلك على أن ما ادعوه إلها لا يصح منه الخلق، وكل ذلك واضح.
  ٥١٦ - مسألة: قالوا: ثم ذكر تعالى ما يدل على أنه يبقيهم ويريد منهم المعاصي والعدول عن الطاعة، فقال: {وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكانُوا قَوْماً بُوراً}(٢).
  والجواب عن ذلك: أن ظاهره يؤذن بأنهم بعد ذلك نسوا الذكر، ولا يدل على أنه تعالى متّعهم لأجل ذلك، بل الدلالة دلت على أنه يبقيهم لكي يطيعوا!
  وبعد، فلو حملناه على ظاهره لم ينفعهم، وذلك أن النسيان عندنا من فعل اللّه، فلا يمتنع أن يقال إنه أراد أنه أبقاهم البقاء(٣) الطويل حتى آل الأمر بهم إلى أن نسوا، وإلى أن زال عنهم التكليف، ولم يتلافوا ما كان منهم، زاجرا بذلك المقدم على هذا عن ترك التوبة، مرغبا له فيها.
  ٥١٧ - وقوله تعالى: {وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً}[٢١] يدل على نفى الرؤية؛ لأنه تعالى عظّم هذا القول من قائله، ولو كانت الرؤية جائزة، لم يجب ذلك فيه، وقد بينا القول في نظير ذلك من قبل(٤).
(١) من تتمة الآية الثالثة.
(٢) من الآية: ١٨.
(٣) ساقطة من د.
(٤) انظر الفقرة: ١٧٨.