متشابه القرآن للقاضي عبدالجبار،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

ومن سورة الفرقان

صفحة 530 - الجزء 2

  ٥١٨ - مسألة: قالوا ثم ذكر تعالى ما يدل على أنه يخلق الأعداء للأنبياء، $، ويجعلهم بهذه الصفة، فقال: {وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا}⁣[٣١]

  والجواب عن ذلك: أنه ليس فيه إلا أنه جعلهم أعداء، فمن أين أنه خلق فيهم المعاصي؟

  وقد يجوز أن يكون العدو عدوا بأمور من قبله تعالى إذا أعلمه ضرورة ما يريده النبي صلّى اللّه عليه، «ان الشر⁣(⁣١) بالأمارات التي يظهرها، جاز أن يقال إنه جعله عدوا له في الحقيقة، ومتى ألزم النبي، #، قتالهم وأن يعاديهم في الدين، جاز إضافة ذلك إليه⁣(⁣٢) ولو كان تعالى جعلهم أعداء للأنبياء لزال عنهم الذم، ولوجب إذا أمر بدفعهم عن العداوة أن يكون آمرا بدفعه⁣(⁣٣) عن فعله، ومتى غلبوا أن يكون تعالى مختصا بذلك، وهذا كفر من قائله!

  ٥١٩ - فأما قوله تعالى أن بعد: {كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ}⁣(⁣٤) في الرسول # في؟ قولهم إن ذلك يدل على أنه الخالق للإيمان في قلبه، فيعبد، لأن ظاهره؟ أنه يثبت، بما ذكره من القرآن، فؤاده، وليس فيه ذكر الإيمان، بل الواجب أن يحمل على نفس القرآن، وأنه تعالى إنما لم ينزله دفعة واحدة كما قاله الكفار، لكي يثبت فؤاده به، ويحفظه، من حيث كان


(١) ساقط من د.

(٢) ساقطة من د.

(٣) د: لا يدفعه.

(٤) من الآية ٣٢.